“أرض الأحلام طريق كله أشواك”

فاطمة الزهراء الحراق
ظاهرة الهجرة الغير قانونية من نساء شباب ورجال عن طريق البحر ظاهرة إجتماعية وآفة خطيرة بكل المقاييس...
لم أرى منظر أبشع من منظر ذلك البريء
هل أسميه شهيد الوطن؟
أم شهيد الكرامة؟
أم شهيد الظلم والقهر؟
أم شهيد الفقر؟
أشلاء وبقايا إنسان وجثة بين الضفتين.

لماذا هذا الجحود وهاته القسوة على أبنائك ياوطني؟
أبناؤك يرحلون إلى المجهول مكرهين...
في عرض البحر فرحين...
كلما إبتعدو عنك كبروا هللوا وصفقوا جاهلين...
بالمخاطر موقنين...
أنهم ربما لن يصلوا سالمين...
ومع ذلك إلى المجهول ماضين...

فهل تعي معنى هذا ياوطني؟

لماذا؟
لأن المرض نخر عظامهم
والفقر طوى بطونهم
و الظلم دمر قلوبهم
والقهر أبكى صغيرهم قبل كبيرهم.

إستثنيت الجهل لأن من المُهَجّرين أيضا، أصحاب شهادات عليا إنسدت الآفاق أمامهم
فقدوا الثقة في وطنهم ومستقبلهم.
لم تحفظ كرامتهم!
لم توفر لهم عملا يغنيهم من الفاقة!
لم تلملم جراحهم!
فقدوا الاحساس بالأمان!!!
باتت قوارب الموت هو الخيار
فرموا بأنفسهم عرض البحر ولم يسلم منهم حتى الأطفال.
أطفال في عمر الزهور تترك أحضان أمهاتها وتبحث عن مستقبل مجهول بمباركة الوالدين أو عدمها.

تفشت ظاهرة هروب ألاطفال من المغرب حيث يصل أزيد من 150 قاصر شهريا بدون مرافقين بالغين ليرتموا بين المخاطر ويرموا بأنفسهم نحو مستقبل لا يعلمه إلا الله.
أطفال لا يعرفون معنى اليأس ومع ذلك يئسوا من واقعهم وأملهم الوحيد هو أرض (الأحلام)

عند وصولهم، هم من يبحثوا عن مخافر الشرطة لتسليم أنفسهم، فقد أصبحت هي مرادهم ومبتغاهم حيث يتم إيواؤهم في مراكز خاصة من أجل تعليمهم اللغة الإسبانية والحِرف حسب سنهم مما يمكنهم لاحقا من الحصول على أوراق الإقامة مع إستفادتهم من مساعدات مالية بسيطة تكون عونا لهم و لعائلاتهم القاطنة بالمغرب.
إلى أن يصلوا الى أيادي الشرطة منهم من يلقى حتفه تحت عجلات الشاحنات والقاطرات المتنقلة بين الضفتين أو غرقا في عرض البحر.

وراء كل ذلك نجد إنعدام الاستقرار العائلي أو التفكك ألاسري، معانات عائلية مع المرض ، الفقر والهدر المدرسي إنعدام الاستقرار الاجتماعي والمهني.
إغراءات بعض المهاجرين العائدين لقضاء عطلة الصيف بسيارات فاخرة والبعض منهم بسيارات أحيانا مستعارة وملابس إقتنوها في مواسم التخفيضات، وربما مأخودة من حاويات الملابس المستعملة أو عن طريق ألإعانات و المساعدات إلاجتماعية.

أسباب عديدة تدفع هؤلاء البالغين وهؤلاء الفتية والأطفال للمخاطرة بحياتهم.
حكايات وحوادث تقشعر لها الأبدان، كل يروي حكاية وصوله، ناهيك عن مايتعرض له بعضهم من إغتصاب أو إغراء لتعاطي المخدرات
كذلك نجد عمالة الأطفال ففيهم من يُستدرج لارتكاب أعمال السرقة وربما أعمال إرهابية.

فاضت منطقة كتالونيا وخصوصا برشلونة بهؤلاء الأطفال، إكتظت دور الاستقبال حتى أصبحوا يهربوا منها ويبيتوا في العراء يلتحفون الأرصفة.
ما عليكم إلا زيارة ساحة كتالونيا بعد منتصف الليل لتتحققوا بأنفسكم وتستمعوا إلى حكاياتهم.

القانون الإسباني يحميهم ويسهل عليهم تسوية أوضاعهم.

أقف حائرة أمام هذا المصاب الجلل، في الضفة الأخرى يرمي اليائسون بأنفسهم نحو المجهول
هنا يعانوا ما يعانوه لتحسين مستواهم المعيشي.
وما يلقاه ذلك الطفل أكبر بكثير إن ساعده الحظ وبقي على قيد الحياة وإن نجى (مما يتصوره عقولكم)...

علينا أن نحد من هذه الظاهرة بإيجاد حلول ناجعة عبر التركيز على التربية والتنشئة السليمة داخل الأسر و بتوعية الأطفال في المدارس والثانويات.
من جهة أخرى على الحكومة المغربية أن تغير من سياستها بأن تضع الرجل المناسب في المكان المناسب وربط المسؤولية بالمحاسبة من أجل تحقيق العدل والعدالة و أن تحفظ كرامة مواطنيها بأن تخلق فرص العمل والحق في التطبيب وأن ترقى بمستوى التعليم وتوفير لهؤلاء الأطفال و الشباب مراكز لتطوير مهاراتهم وإشراكهم في جميع الأنشطة وشغل فراغهم بما ينفعهم حتى لا يفكروا في الهجرة بهذه الطريقة.

أطفالنا شبابنا أمانة في أعناقنا، أطفال اليوم هم
شباب الغد و لكي نبني وطن علينا بالأساس وأطفالنا هم الدعامة الأساسية لبناء الوطن ولمسقبل زاهر